البروفيسور وليد العريض أستاذ التاريخ العثماني الحديث والمعاصر:
سياسة التمييز العنصري في الكيان الصهيوني متشعبة ومعقدة
الكيان الصهيوني يرفض تسويق الأراضي المعدة للبناء للمواطنين العرب
منشور تحريضي ضد العرب كل ثانيتين على وسائل التواصل الاجتماعي
قال أ. د وليد العريض- أستاذ التاريخ العثماني الحديث والمعاصر: “إن البحث في سياسة التمييز العنصري في الكيان الصهيوني معقد ومتشعب؛ لأنه يوجد في مفاصل الحياة الرئيسة كافة، كالعرق، واللون، والدين، والتعليم، والعمل والحياة الاجتماعية اليومية”، وشدد على أن مصادرة أراضي العرب وممتلكاتهم والتضييق عليهم في الإسكان، إلى جانب عنصرية التعليم الممنهجة تأتي في مقدمة هذه الأخطار العنصرية الهادفة إلى تهويد فلسطين وطرد العرب بوسائل شتى.
وكان العريض يتحدث في محاضرة علمية نظمها اتحاد الأكاديميين الفلسطينيين، مساء اليوم السبت، عبر منصة زووم بعنوان:” العنصرية الصهيونية في الداخل الفلسطيني بعد 1948..مصادرة الأراضي وهدم المنازل نموذجًا”، وأدار المحاضرة د. أحمد الكيالي – نائب رئيس اتحاد الأكاديميين الفلسطينيين، وحضر المحاضرة لفيف من الأكاديميين، والباحثين، والمهتمين.
الهجرة اليهودية
وبين العريض أن حجم الهجرة اليهودية بين 1932-1939م بلغ زهاء 50% من الهجرة إلى فلسطين من عام 1919-1948م؛ وأرجع ذلك إلى أن سلطة الانتداب البريطاني فتحت الباب على مصراعيه للهجرة اليهودية القادمة من الخارج.
وأكد العريض أن وتيرة العنصرية ضد العرب ارتفعت بشكل تدريجي حتى وصلت ذروتها في عامي 2017-2018م، وحملت شعاراً عرف بـ” كراهية حتى الموت”، وباتت الجماعات اليهودية الهامشية مركباً أساسياً في الجدل العام اليهودي في الكيان الصهيوني، ونوه العريض إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تنشر كل ثانيتين منشورًا ضد العرب.
وأكد العريض على الخطر الذي تواجهه الهوية العربية، لافتاً إلى وجود عنصرية كريهة ضد النساء العربيات المحجبات على وجه الخصوص؛ لإيجاد عوائق أساسية أمامها تمنعها من الانخراط في سوق العمل الإسرائيلي.
سياسة التمييز
وتحدث العريض عن حجم التمييز اللاحق بالعرب نتيجة سياسة الهدم مقارنة مع الوسط اليهودي وسياسة الاحتلال في تهويد الأراضي، موضحًا أن حكومة الاحتلال تتحكم في 93%من الأراضي، وتابع العريض قائلاً:” تملك الدولة (إسرائيل) هذه الأرض مباشرة، أو تملكها هيئات شبه حكومية خولتها الدولة سلطة تنمية الأرض، مثل: سلطة التنمية، والصندوق الوطني اليهودي، ونوه إن كل هذه الأراضي تديرها إدارة الأراضي الإسرائيلية”.
وفي سياق سياسة التمييز اللاحق بالعرب مقارنة باليهود، بين العريض أن الكيان يعمل جاهدًا على إقامة بلدات يهوديّة جديدة بينما لا يعترف بقرى عربيّة، حتى تلك التي أقيمت قبل عام 1948م، وأفاد أن دولة الكيان ودائرة أراضي (إسرائيل) تتبنى سياسة مميزة في توزيع الأراضي، وترفض تسويق الأراضي المعدة للبناء للمواطنين العرب في البلدات اليهوديّة الصغيرة وفي المدن.
وأكد العريض في دراسته العلمية – التي عرض جانبًا واسعًا من نتائجها خلال المحاضرة التي حملت عنوانها – “وجود تمييز مرفوض في التعامل مع الأقلية العربية في دولة (إسرائيل)”، على حد قوله.
واستدل العريض على ذلك بما كشفته منظمة “سيكوي” التي تعنى بملاحقة التمييز، إذ أظهرت وجود ارتفاع حاد بدرجة التمييز العنصري بين العرب واليهود في (إسرائيل) في مجالات الحياة المختلفة ضمن مقياس المساواة لعام 2009م، ووقف العريض على ما رصده التقرير بشأن وضع السكن عند العرب بنسبة 5.3% منذ سنة 2006م، لصالح اليهود، وما تضمنه من أن ” الحكومة الإسرائيلية قامت ببناء شقق مدعومة ماليًا في التجمعات اليهودية أكثر من التجمعات العربية بـ 13.6 مرة”.
أزمة السكن
وكشف العريض أن أزمة السكن تتصدر قائمة القضايا، وأرجع ذلك إلى حرمان العرب من توسيع مسطحات وخرائط هيكلية لقراهم التي تحولت إلى ما يشبه “صناديق السجائر” لاعتبار دولة الاحتلال قضية الأراضي في الجليل مسألة أمنية وحقاً تاريخياً لليهود.
واستعرض جانبًا من المساعدات الحكومية المستمرة التي يتمتع بها المستوطنون، ومنها: تمويل الإسكان، والتعليم، والبنية التحتية، مثل: إنشاء طرق خاصة.
عمليات الهدم
وذكر العريض أن عمليات الهدم طالت قرى بأكملها، ومضى قائلاً: “الحكومة (الإسرائيلية) لا تنوي حل مشكلة هدم البيوت بالشكل الأنسب، بل بالعكس يبدو أن نيتها متجهة نحو مواصلة هذه السياسة، وحتى بقوة أكبر، متجاهلة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان الأساسية”.
ودلل العريض على ذلك بما ذكرته صحيفة “هآرتس” العبرية عام 2018م من أن عدد المباني العربية التي هدمت في النقب خلال عام 2017 وصل إلى 2220 منزلاً، وهو ضعف عدد البيوت التي هدمت في العام الذي سبقه، وبلغ عددها 1158 منزلاً.
ودعا العريض إلى تغيير الواقع العصيب الذي يعيشه العرب في فلسطين التاريخية المحتلة عبر السبل القانونية والتخطيطية المتاحة، وتوسيع نفوذ السلطات البلدية العربية، وحث مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات العربية على التصدي لسياسة مصادرة الأراضي وهدم البيوت.